«معاناة النازحين والمشردين من أبناء المناطق الحدودية والمدن المدمرة من الحرب في اليمن يصعب وصفها، فأقل ما يوصف به وضعهم بأنه كارثي، فلا دخل ولا غذاء ولا رعاية صحية»، يقول حيدر حمود محجب، أحد أبناء منطقة حرض الحدودية، والتي تعتبر من أبرز المناطق الحدودية مع السعودية التي نكبتها الحرب ولا تزال.
في شوارع العاصمة صنعاء، رصد «العربي» العديد من المواطنين النازحين من محافظة حجة، والذين يضطر بعضهم إلى التسول للحصول ما يبيقهم على قيد الحياة، بعد أن أصبحت مناطقهم مدمرة بسبب المواجهات أو القصف الجوي والبري من القوات السعودية على الحدود.
وتعتبر أغلب المناطق الحدودية في محافظتي صعدة وحجة مناطق حرب متضررة، لكن حرض وميدي من أكثر المناطق تضرراً، باعتبارهما منطقة مواجهات بين «أنصار الله» وحلفائهم من جهة وبين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي التي تقدمت من جهة السعودية من جهة أخرى، وتسعى للسيطرة على المنطقتين.
وتعتبر حرض من أبرز مدن محافظة حجة، واشتهرت بالمنفذ الحدودي مع السعودية قبل الحرب، وإلى جانبها منطقة ميدي على الساحل المطل على البحر الأحمر، وكلاهما منكوبتان بالحرب، بالإضافة إلى تضرر مختلف المديريات القريبة من الحدود مثل حيران وعبس.
ويقول حيدر أحمد محجب، وهو من أبناء حرض وطالب ماجستير في العلوم السياسية بصنعاء، لـ«العربي»، إنه «فيما يتعلق بمديرية حرض فقد تحولت بين ليلة وضحاها إلى مدينة أشباح مهجورة ولا يوجد بها إنسان جراء القصف، وتحولت المدينة إلى مناطق عسكرية وأماكن صراع في الوقت التي كانت فيه تعتبر (قبل الحرب) مناطق تجارية وتملك منافذ حدودية وذات مردود اقتصادي للجمهورية اليمنية بشكل عام».
أدت الحرب إلى نزوح وتشرد كافة ساكني مدينة حرض، التي كان عدد قاطنيها يزيد عن 150 ألف مواطن (ما بين أبناء المنطقة واليد العاملة والقادمين من محافظات ومديريات يمنية أخرى والنازحين في المخيمات من أبناء محافظة صعدة). ووفقاً لمحجب، فقد ترك الساكنون منازلهم ولم يخرجوا منها «إلا بالشيء اليسير فراراً من آلة الحرب والقصف وللنجاة بأروحهم وأسرهم، فقد استهدف القصف تدمير كافة المؤسسات والمرافق العامة والقطاعات والمنشآت المختلفة».
ويضيف المتحدث أن القصف في حرض دمر ما يقارب 25 مدرسة وأكثر من 8 منشآت صحية حكومية، وأكثر من 7 مشاريع مياه ومشروع للكهرباء، وأكثر من 9 مساجد وجوامع، إضافة للمباني والمنشآت الأخرى الخاصة في المنفذ الحدودي أو الكباري والخط الدولي والأشغال والطرق والخدمات العامة والاتصالات.
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، دمرت الحرب في حرض، التي تُعدّ أكثر مناطق حجة الحيوية، أكثر من 22 فندقاً و7 مستشفيات ومستوصفات خاصة و8 محطات وقود و7 من الأسواق العامة والمتاجر. أما منازل المواطنين فقد دمرت غالبيتها على مستوى كامل المديرية التي تم عزلها جراء قصف الطيران لها.
ويلفت محجب إلى أن «هذه الإحصائية عن مديرية حرض فقط، وبالتحديد هي من واقع معرفتي بمدينتي، ومع كل ذلك لا تزال الغارات والقصف بمختلف الأسلحة مستمراً، ويسمع دويها في المديريات القريبة من حرض والتي لا تزال مقطونة بالسكان والحركة».
في تقرير لها، في أكتوبر العام الماضي، تحدثت المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الهجرة العالمية عن أن عدد النازحين في حجة بسبب الحرب الأخيرة بلغ 485388 نسمة (ما يقرب من ربع سكان المحافظة)، ويتوزع النازحون على 80898 أسرة، منهم 134000 نسمة نزحوا إلى خارج المحافظة.
ويشير محجب، في حديث إلى «العربي»، إلى أن أبناء حرض «يعتمدون على الزراعة والصيد وبعض الأعمال البسيطة كمصدر رزق سابقاً، أما الآن وبعد تهجيرهم بسبب الحرب فقد فقدوا مصدر قوتهم وأعمالهم وكل شيء، إضافة لأزمة انقطاع رواتب الموظفين».
يعيش النازحون من حرض ومحيطها في مناطق الحدود أوضاعاً مأساوية، فمن ناحية المسكن، ووفقاً لروايات مصادر محلية، فقد ارتفعت الإيجارات بشكل كبير من بداية الحرب، والآن ما زالت في ارتفاع كبير في الوقت الذي لا يوجد فيه مصدر دخل لتغطية تلك التكاليف، مما أدى إلى قيام بعض ملاك البيوت بطرد بعض تلك الأسر المتعسرة في الدفع.
ويضيف حيدر محجب أنه «في بعض المناطق وجدت بعض المنظمات التي كانت تساهم بتحمل جزء بسيط من تلك التكاليف، إلا أنها في الآونة الأخيرة توقفت، ولم تتمكن من المساعدة في ذلك، ومن ناحية أخرى عدم قدرة الأسر على إيجاد قوت يومها، وعدم قدرة المنظمات الدولية التي تعنى بذلك على توفير المساعدات الغذائية لهم، وفي الوقت الذي لا تكفي فيه تلك المساعدات إن وجدت لسد الإحتياجات، ويتعرض بعض النازحين لتعسفات من القائمين على تلك المنظمات، وعدم صرف تلك المعونات ومصادرتها، مما يؤدي إلى زيادة المعاناة والجوع وسوء التغذية في الوقت الذي هم فيه عاجزون عن توفير حاجتهم من الماء والغذاء».
وفوق ذلك، يعاني النازحون الذين يتوزعون في المحافظة نفسها، وفي صنعاء وعمران والحديدة وجزء قليل في محافظة إب، من غياب الرعاية الصحية وعدم قدرتهم على تلقي العلاج حتى في المستشفيات الحكومية أو المرافق الصحية التابعة للدولة، وغياب جهات تهتم وتراعي ذلك، وهشاشة قدرة تلك المرافق بسبب قلة إمكانيتها ومحدوديتها على استيعاب الجميع، وعدم توفر الدواء في جميع الحالات المرضية، بل يتم إجبار المرضى من النازحين على شرائه من خارج تلك المرافق وبأسعار باهظة وهم لا يمتلكون أي مصدر دخل.
وتعتبر منطقتا ميدي وحرض من المناطق الساحلية الحارة، ويعاني النازحون إلى المناطق السهلية والساحلية كالحديدة، بحسب روايات محلية، من انتشار الأمراض المزمنة والمختلفة، مثل الكوليرا، سوء التغذية، الفشل الكلوي، الملاريا، حمى الضنك، التيفوئيد، تشوهات الأجنة، الأمراض النفسية للاطفال والنساء جراء القصف، وغيرها الكثير.
ويختم محجب أنه «لمن يريد أن يتاكد من وضع النازحين الصحي المتدهور، فما عليه إلا أن يقوم بزيارة لأي مستشفى حكومي داخل تلك المدن، ورؤية الحالات ومقابلتها وجهاً لوجه حتى لا يعتبر كلامي مبالغة في وصف الكارثة، والتي أعترف أنني مقصر في إيضاح حقيقتها ولم أتطرق إلا للشيء اليسير».
يشار إلى أن منطقتي حرض وميدي تأثرتا بالقصف منذ بداية الحرب بعد الحملة الجوية لـ«التحالف» بقيادة السعودية، وتعرضتا لغارات مكثفة مع بدء تقدم قوات موالية لهادي من جهة السعودية أواخر العام 2015 بما جعلها منطقة حرب، حتى اليوم.
في شوارع العاصمة صنعاء، رصد «العربي» العديد من المواطنين النازحين من محافظة حجة، والذين يضطر بعضهم إلى التسول للحصول ما يبيقهم على قيد الحياة، بعد أن أصبحت مناطقهم مدمرة بسبب المواجهات أو القصف الجوي والبري من القوات السعودية على الحدود.
وتعتبر أغلب المناطق الحدودية في محافظتي صعدة وحجة مناطق حرب متضررة، لكن حرض وميدي من أكثر المناطق تضرراً، باعتبارهما منطقة مواجهات بين «أنصار الله» وحلفائهم من جهة وبين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي التي تقدمت من جهة السعودية من جهة أخرى، وتسعى للسيطرة على المنطقتين.
وتعتبر حرض من أبرز مدن محافظة حجة، واشتهرت بالمنفذ الحدودي مع السعودية قبل الحرب، وإلى جانبها منطقة ميدي على الساحل المطل على البحر الأحمر، وكلاهما منكوبتان بالحرب، بالإضافة إلى تضرر مختلف المديريات القريبة من الحدود مثل حيران وعبس.
ويقول حيدر أحمد محجب، وهو من أبناء حرض وطالب ماجستير في العلوم السياسية بصنعاء، لـ«العربي»، إنه «فيما يتعلق بمديرية حرض فقد تحولت بين ليلة وضحاها إلى مدينة أشباح مهجورة ولا يوجد بها إنسان جراء القصف، وتحولت المدينة إلى مناطق عسكرية وأماكن صراع في الوقت التي كانت فيه تعتبر (قبل الحرب) مناطق تجارية وتملك منافذ حدودية وذات مردود اقتصادي للجمهورية اليمنية بشكل عام».
أدت الحرب إلى نزوح وتشرد كافة ساكني مدينة حرض، التي كان عدد قاطنيها يزيد عن 150 ألف مواطن (ما بين أبناء المنطقة واليد العاملة والقادمين من محافظات ومديريات يمنية أخرى والنازحين في المخيمات من أبناء محافظة صعدة). ووفقاً لمحجب، فقد ترك الساكنون منازلهم ولم يخرجوا منها «إلا بالشيء اليسير فراراً من آلة الحرب والقصف وللنجاة بأروحهم وأسرهم، فقد استهدف القصف تدمير كافة المؤسسات والمرافق العامة والقطاعات والمنشآت المختلفة».
ويضيف المتحدث أن القصف في حرض دمر ما يقارب 25 مدرسة وأكثر من 8 منشآت صحية حكومية، وأكثر من 7 مشاريع مياه ومشروع للكهرباء، وأكثر من 9 مساجد وجوامع، إضافة للمباني والمنشآت الأخرى الخاصة في المنفذ الحدودي أو الكباري والخط الدولي والأشغال والطرق والخدمات العامة والاتصالات.
وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، دمرت الحرب في حرض، التي تُعدّ أكثر مناطق حجة الحيوية، أكثر من 22 فندقاً و7 مستشفيات ومستوصفات خاصة و8 محطات وقود و7 من الأسواق العامة والمتاجر. أما منازل المواطنين فقد دمرت غالبيتها على مستوى كامل المديرية التي تم عزلها جراء قصف الطيران لها.
ويلفت محجب إلى أن «هذه الإحصائية عن مديرية حرض فقط، وبالتحديد هي من واقع معرفتي بمدينتي، ومع كل ذلك لا تزال الغارات والقصف بمختلف الأسلحة مستمراً، ويسمع دويها في المديريات القريبة من حرض والتي لا تزال مقطونة بالسكان والحركة».
في تقرير لها، في أكتوبر العام الماضي، تحدثت المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الهجرة العالمية عن أن عدد النازحين في حجة بسبب الحرب الأخيرة بلغ 485388 نسمة (ما يقرب من ربع سكان المحافظة)، ويتوزع النازحون على 80898 أسرة، منهم 134000 نسمة نزحوا إلى خارج المحافظة.
ويشير محجب، في حديث إلى «العربي»، إلى أن أبناء حرض «يعتمدون على الزراعة والصيد وبعض الأعمال البسيطة كمصدر رزق سابقاً، أما الآن وبعد تهجيرهم بسبب الحرب فقد فقدوا مصدر قوتهم وأعمالهم وكل شيء، إضافة لأزمة انقطاع رواتب الموظفين».
يعيش النازحون من حرض ومحيطها في مناطق الحدود أوضاعاً مأساوية، فمن ناحية المسكن، ووفقاً لروايات مصادر محلية، فقد ارتفعت الإيجارات بشكل كبير من بداية الحرب، والآن ما زالت في ارتفاع كبير في الوقت الذي لا يوجد فيه مصدر دخل لتغطية تلك التكاليف، مما أدى إلى قيام بعض ملاك البيوت بطرد بعض تلك الأسر المتعسرة في الدفع.
ويضيف حيدر محجب أنه «في بعض المناطق وجدت بعض المنظمات التي كانت تساهم بتحمل جزء بسيط من تلك التكاليف، إلا أنها في الآونة الأخيرة توقفت، ولم تتمكن من المساعدة في ذلك، ومن ناحية أخرى عدم قدرة الأسر على إيجاد قوت يومها، وعدم قدرة المنظمات الدولية التي تعنى بذلك على توفير المساعدات الغذائية لهم، وفي الوقت الذي لا تكفي فيه تلك المساعدات إن وجدت لسد الإحتياجات، ويتعرض بعض النازحين لتعسفات من القائمين على تلك المنظمات، وعدم صرف تلك المعونات ومصادرتها، مما يؤدي إلى زيادة المعاناة والجوع وسوء التغذية في الوقت الذي هم فيه عاجزون عن توفير حاجتهم من الماء والغذاء».
وفوق ذلك، يعاني النازحون الذين يتوزعون في المحافظة نفسها، وفي صنعاء وعمران والحديدة وجزء قليل في محافظة إب، من غياب الرعاية الصحية وعدم قدرتهم على تلقي العلاج حتى في المستشفيات الحكومية أو المرافق الصحية التابعة للدولة، وغياب جهات تهتم وتراعي ذلك، وهشاشة قدرة تلك المرافق بسبب قلة إمكانيتها ومحدوديتها على استيعاب الجميع، وعدم توفر الدواء في جميع الحالات المرضية، بل يتم إجبار المرضى من النازحين على شرائه من خارج تلك المرافق وبأسعار باهظة وهم لا يمتلكون أي مصدر دخل.
وتعتبر منطقتا ميدي وحرض من المناطق الساحلية الحارة، ويعاني النازحون إلى المناطق السهلية والساحلية كالحديدة، بحسب روايات محلية، من انتشار الأمراض المزمنة والمختلفة، مثل الكوليرا، سوء التغذية، الفشل الكلوي، الملاريا، حمى الضنك، التيفوئيد، تشوهات الأجنة، الأمراض النفسية للاطفال والنساء جراء القصف، وغيرها الكثير.
ويختم محجب أنه «لمن يريد أن يتاكد من وضع النازحين الصحي المتدهور، فما عليه إلا أن يقوم بزيارة لأي مستشفى حكومي داخل تلك المدن، ورؤية الحالات ومقابلتها وجهاً لوجه حتى لا يعتبر كلامي مبالغة في وصف الكارثة، والتي أعترف أنني مقصر في إيضاح حقيقتها ولم أتطرق إلا للشيء اليسير».
يشار إلى أن منطقتي حرض وميدي تأثرتا بالقصف منذ بداية الحرب بعد الحملة الجوية لـ«التحالف» بقيادة السعودية، وتعرضتا لغارات مكثفة مع بدء تقدم قوات موالية لهادي من جهة السعودية أواخر العام 2015 بما جعلها منطقة حرب، حتى اليوم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق